www.omaraltaleb.com

 

الدكتـور عمـر الطالـب وتاريخ دور عرض السينما في الموصل

 

سمير عبد الله الصائغ

 

 

تتقدم إدارة موقع الدكتور عمر الطالب بالشكر والتقدير للأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف

الذي خص الموقع بهذا الحوار المميز إيمانا منه برسالة الموقع

 

    أكاد أجزم أن لا أحدا يشبه الأستاذ الدكتور عمر محمد الطالب في معرفته وحبه بل في عشقه للسينما تاريخا وفنا، وإخراجا، وتمثيلا، وعرضا .. ومنذ أن كنت طالبا في الإعدادية الشرقية إبان الستينات من القرن الماضي كان يتحدث ،حديث العارف، والخبير عن الأفلام السينمائية والممثلين والممثلات .وقد ظل على حبه وعشقه للسينما حتى أواخر حياته، وكان يحرص على ارتياد دور العرض، ونجد مصداقا لقولنا في أنه أصدر كتابا سنة 1998 بعنوان : ((تاريخ السينما في الموصل )) ، ومن حسن الحظ أن الأخ الأستاذ سمير عبد الله الصائغ- وكان على علاقة طيبة بالمرحوم الطالب -قد أجرى حوارا مع أستاذنا الطالب نشره في جريدة الزمان (15 حزيران-يونيو 2005 ) حول اهتماماته بالسينما ودور العرض السينمائية في الموصل وأبرز ما عرضته من أفلام ويسعدنا أن نلخص ما جاء في هذا  الحوار لقيمته التاريخية والوثائقية:

     "يبدو الحديث عن السينما، ودور السينما في الموصل متوازيا مع الحياة الاجتماعية للمدينة، فابتداء من عشرينات القرن الماضي، كان لعشاق الفن السابع لقاء مع الشاشة الفضية، وعرف الجمهور الأفلام الصامتة أول مرة.. وكانت الدهشة هي علامة تلك الصلة.. وان الأستاذ  الدكتور عمر الطالب الباحث والأكاديمي المعروف بمنجزه المتنوع في الأدب والنقد والمسرح ممن واكبوا تاريخ السينما في الموصل  وقد القتيناه ،وكان معه هذه الحوار:
- متى بدأت دور السينما في مدينة الموصل؟إي متى تأسست ؟وما هي أول دار ؟ وأول فلم؟ وهل كان للسينما الصامتة دور في دور العرض..أم ...كيف؟ أجاب الأستاذ الدكتور الطالب قائلا:
 كان في الموصل خمس وعشرون دارا للعرض بين عامي 1921-1985وتوقف بناء دور السينما بعد هذا التاريخ نتيجة للظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية،وأول دار للعرض السينمائي ، أنشئت في الموصل عام 1921 كانت (سينما الهلال) وبدأت عروضها بأفلام صامتة، وكانت تقع في شارع نينوي مقابل (قنطرة الجومرد)،و يحاذيها محل(نجيب الجادر) للتجارة و الاستيراد وكانت تتكون من ثلاث درجات الالواج والمقاعد الأولى والمقاعد الأمامية بأسعار مختلفة 90 فلسا70 فلسا 40 فلسا.وعرضت في بداية تشغيلها أفلاما صامتة غربية وهندية وعربية ،وأول فلم عرض فيها هو : (المتشرد) لشارلي شابلن. ثم توالت الأفلام الناطقة ، وقد شاهدت فيها أول فلم في حياتي هو (الوردة البيضاء)بطولة محمد عبد الوهاب وسميرة خلوصي عام1936 وكان الفلم يعاد عرضه للمرة الثانية.ثم أنشئت سينما (الوطني) الحدباء لاحقا في شارع العدالة القريب من  (الصوافة)عام 1924 وافتتحت بفلم شارلي شابلن الصامت(البحث عن الذهب)و هدمت في الستينات من القرن الماضي ، وبني مكانها فندق ،وأول فلم شاهدته فيها(وراء الستار) بطولة رجاء عبده وعبد الغني السيد وسينما الملك(غازي)عام1930 في شارع العدالة أيضا قرب (مديرية الشرطة العامة) وافتتحت بفلم (زينب)الصامت بطولة زكي رستم وبهيجة حافظ إخراج محمد كريم عن رواية لمحمد حسين هيكل وتعد أول رواية عربية نشرها هيكل عام 1914 تحت اسم مستعار (فلاح مصري) خشية على سمعته لان الناس كانوا ينظرون للرواية والقصة نظرة احتقار ،وأول فلم شاهدته فيها فلم (قيس وليلي ) بطولة بدر لاما وأمينة رزق وهدمت السينما منذ عقد. أما سينما (الحمراء) فتقع  في شارع العدالة أيضا ولا تزال قائمة  وفتحت عام 1939 بفلم (ذهب مع الريح) بطولة كلارك كيبل وفيفيان لي واوليفيا دي هيفلاند وقد شاهدت فلم الافتتاح فيها.
 وكان أصحاب دور العرض الأربع انفة الذكر يهودا، ودخل كامل سارة شريكا في تشغيل سينما الحمراء مع يهودي. وتوالت دور العرض في الأربعينات وقد أدارها مسيحيون ومسلمون وهي (الحمراء الصيفي)1940افتتحت بفلم (ليلي) بطولة ليلي مراد وحسين صدقي من إخراج توجو مزراحي عن رواية (غادة الكاميليا)لاسكندر ديماس الابن وقد لاقي الفلم نجاحا باهرا (هدمت الآن) وسينما (غازي الصيفي) 1943 وتقع في شارع حلب(هدمت الآن) وافتتحت بفلم (جوهرة) بطولة يوسف وهبي ونور الهدي إخراج يوسف وهبي عن مسرحية لبرنارد شو . وسينما (هوليود) عام 1948 وتقع في شارع الجمهورية افتتحت بالفلم العراقي(عليا وعصام)إخراج أندريه شاتان وبطولة إبراهيم جلال وعزيمة توفيق وسليمة مراد.وبدل اسمها إلي سينما (السندباد) وتحمل اليوم اسم (سمير أميس)، وسينما (الهلال الصيفي) وتقع بجانب مدرسة الأرمن قرب حديقة الشهداء وافتتحت عام 1943 بفلم (الحب الأول) بطولة رجاء عبده وجلال حرب من إخراج جمال مدكور وهدمت عام 1946 .
وهناك سينما (هوليود الصيفي)عام 1949 وتقع في شارع الصديق قرب محطة الموصل وافتتحت بفلم (عصفور من الجنة) بطولة جيف جندلر وديبراباكيت ولويس جوردان وقد هدمت في منتصف الخمسينات ثم انشأت دور سينما اخرى منها : (دنيا الصيفي)1950 في شارع خير الدين العمري بالقرب من حديقة باب الجسر ثم تحولت إلي (الكب)عام 1955 .
وسينما (فيصل الثاني) عام1951 في شارع حلب والآن تسمي سينما النجوم وسينما (كامل)1952 في شارع العدالة وتسمي الآن سينما( النصر) وسينما(الحدباء الصيفي)1954 في شارع الجمهورية وأقيمت علي أنقاضها(سينما الجمهورية) عام 1958 وقد هدمت قبل بضع سنين. وسينما (القاهرة الصيفي) 1955 في شارع الدواسة قرب سينما الجمهورية وأقيمت علي أنقاضها سينما القاهرة عام 1959 والتي سميت بعد ذلك سينما (أطلس)وهدمت قبل سنوات. وسينما(فيصل الثاني الصيفي)1956 وتقع في الدواسة حولت منذ الثمانينات إلي مراب وسينما (الأندلس الصيفي) 1957 وتقع في نهاية شارع الدواسة حولت في الستينات إلي مراب سينما (الفردوس الصيفي) 1958في شارع الدواسة وحولت في الثمانيات إلي عمارة القدس. وأنشئت في الستينات عدة دور للسينما في شارع الدواسة (غرناطة)1967 و(اشبيلية)1968 و(الأندلس) 1971 و(حمو رابي) 1973 وسينما(كامل)1974 قرب حديقة الشهداء وسينما (بابل)1975 وتحولت إلي المسرح العمالي.
- حتما أن الرواد الأوائل من أصحاب السينما كانوا قلائل، فمن هو صاحب أول دار؟ وما كان اسم تلك الدار؟
أصحاب السينمات في الموصل حتى عام 1948 كانوا من اليهود ،ومعهم كامل سارة(مسيحي ) وأول دار سينما هي سينما (الهلال) ولم يؤرخ اسم صاحبها.وكذا الحال مع الذين كانوا يرتادون دور السينما ،أي أنهم كانوا قلائل . فمثلا كانت سينما(الهلال) في العشرينات والثلاثينات تفرد يومي الاثنين و الخميس للنساء . وكانت الأسر تسمح لأبنائها بالذهاب إلي السينما يوم الخميس ومنهم من يسمح لهم الذهاب يوم الاثنين أيضا و من السينمات من تعرض فلما كل يوم مثل سينما الحمراء في عامي 1948و1949 وسينما الحدباء في عامي 1955و1956 . وكان رواد السينما من كل الطبقات في الموصل ويقتصر المثقفون علي الأفلام الأجنبية والعامة علي الأفلام العربية والهندية وأفلام المغامرات الأجنبية. واختصت سينما الحمراء في الأربعينات بعرض الأفلام الأجنبية وتبعتها سينما كامل وسينما الفردوس وسينما الحدباء الشتوي والصيفي. ثم اختلط عرض الأفلام العربية والأجنبية في دور السينما في الموصل وكانت الطبقة المثقفة والأسر الفنية تذهب إلي السينما باستمرار حتى تردت السينما في عروضها فــــــي الثمانينات وانكمش عدد الرواد من المثقفين والأغنياء وحل ( الفيديو) محلها وقبل ذلك التـــلفزيون في الستينات.
- متى بلغت ذروة الأفلام المتميزة أوجها؟

بلغت السينما في الموصل أوج الارتياد في الأربعينات والخمسينات حيث كانت الأفلام المعروضة جيدة ومنتقاة إلا أنها أخذت بالتدني منذ الستينات والسبعينات واضمحلت في الثمانينات وأصبحت حصرا على العامة في التسعينات وماتت في مطلع  القرن الواحد والعشرين".