العودة للصفحة الرئيسة . موقع الدكتور عمر الطالب

استخلاص المستقبـل؛ حواريـة نصـوص الطـالب

إبراهيم حمزة الطائي

ebrahimaltaee@yahoo.com

 

 

هناك في اللامكان وخارج حدود الزمن .. برق لبصري جسد من نور كأنه أستاذي عمر الطالب منحني الكتف يمشي وبين أصابعه قلم يرتعش.. انعطف إلى الشارع المؤدي إلى الغابات مستمتعا بدفء الشمس.. تبعته.. ناديته.. أستاذ.. أستاذ ..  طلبت منه السماح لي بمرافقته.. لم يعترض ولم يوافق ... استمر بمشيته المعتادة.. تبعته .. صرخت.. توقف أرجوك.!!

فجأة توقف.. لعل صوتي أثار عنده ذكرى قديمة.. لم ينظر للوراء.. سقط القلم من يده وأطرق ينتظر ندائي.. بادرته متسائلا....

س/ من أنت؟ هل أنت عمر الطالب؟

ج / أنا الذي يحيا قلقا لزهده في الحياة, لا شيء يهمني سوى القراءة والكتابة.

س / أين رأيت الناس بعد رحيلك؟

ج / رأيت أكثرهم يتوافدون على داري الذي أشدته منذ أربعين سنة حيث كان مجمعا لمثقفي المدينة.

س / ماذا تقول لهم؟

ج / سأبقى أكتب لهم, للإنسان في عالم مجنون.

س / ما أمنيتك بعد الرحيل؟

ج/ أن أستمتع بدفء الشمس التي دونتها على دفاتري.

س / ما هدفك بعد الرحيل؟

ج / كل شاب مثقف في بلد أضحت فيه الثقافة معرة للإنسان !

س / صف لنا الوطن؟                                                                               

ج / نظر الى الصوب الآخر من النهر , فبدت باشطابية مهدمة منهارة, وتلاشت عظمة قره سراي , ومنارة الحدباء آيلة للسقوط , تنهد وقال: لاشيء فيه يذكّر بالحياة والمقاهي المتلألئة التي كانت على كلا الجانبين , فبدا مثل كهل متصابي , يبعث الغصة في النفس أكثر مما يبعث فيها الفرحة.....

س / في تتابع يومك التقليدي ما أجمل لحظة فيه؟

ج / حينما أرى إنسانا ثائرا على الأنظمة التي تتحكم في مقدرات المجتمع.

س / متى يعرف الإنسان المخاطر؟

ج / حين يكون الإنسان على الطريق يرفض ما آل إليه المجتمع من مادية و تخلف.

س / ما مبتغاك في هذا الجو المشحون بالمنفعة والكسب غير المشروع؟

ج / أن يكسب كل إنسان مهنته روحها , إنسانيتها, ويقدم كل ما يستطيع تقديمه لمساعدة الآخرين .

س/ أما زلت تعرض إحسانك على الآخرين؟

ج / ازدادت رغبتي في البكاء؟   

س/ دكتور سمعت أن بعضهم قد تهامس,  ما ضرهم لو هامسوك بما يحملون؟

ج / أنا لا أتهامس على احد في دهاليز بعيدة كل البعد عن أي دافع إنساني.

س / ترى هل تغيرت نظرتك للحياة ؟

ج / الله اكبر , لو أنساني الموت ما بدأت وعدت للحياة لن اختار سوى ما بدأت  .

س / ما رأيك الآن بالإنسان؟

ج / الإنسان اكبر رأس مال يا سيدي, ضاعت كل الكلمات ولم تبق منها إلا كلمة واحدة هي, الإنسان. 

س / أخيرا ً لمن تهدي منجزك الأدبي الكبير؟

ج / إلى الذين بقيت أصواتهم تصدح بأشجان لا تموت بشارع الغابات , الى باشطابية , قره سراي , منارة الحدباء..

تناول القلم .. تركني واستمر في مشيته المعتادة.. كتفه منحني.. وقلمه يرقص..

س/ دكتور ماذا ستكتب لنا؟ ماذا تكتب؟

ج/ رأسي محشوة بأفكار تأبى الخروج, ينعقد لساني كلما أردت البوح بها, ستنشر عندما يزهر الأقحوان على ضوء القمر.

س/ ومتى ذلك؟

ج/ الله ولي التوفيق...