العودة للصفحة الرئيسة موقع الدكتور عمر الطالب

 

استخلاص المعنى؛ حوارية ما بعد الموت

محمد ونان جاسم

أستاذ اللغة العربية في الجامعة السورية الدولية

zakiandwanan@yahoo.com

 

اختلف الفلاسفة في رؤيتهم للحقيقة فمنهم من قال إنها نتاج العقل المطلق ومنهم من قال إنها نتاج اللفظة ولا نستطيع في هذا المقام أن نعضّد رأيا ونهمل آخر فأسهل المخرجات سيكون - بطبيعة الحال- المنهج التوفيقي بصفته الممكنة.
إن ّ وسيلة استخلاص المعنى مرتبطة بالرأيين ارتباطا ً منهجيا ً وعضويا ً في الوقت عينه، لذا سنحاول أن نستنطق نصوص الدكتور عمر الطالب من خلال حوارية متخيلة مقتبسين منها -نقصد النصوص الأدبية- الإجابات لعلنا بوساطة هذا الاقتباس نصل إلى الحقيقة النابعة من عقل المؤلف أو تلك الحقيقة النابعة من لفظه.
س / عمر الطالب بعد هذه الرحلة الحبلى بالإبداع والرصانة العلمية قل لنا:
من أنت؟
ج / أنا الذي يحيا بلا أبعاد وأنا الذي يحيا بلا ظلّ، فالظل ّ لصّ يراقب ظله.
س / كيف رأيت الناس بعد رحيلك؟
ج / رأيت أكثرهم يسرقون وجوههم.
س / هل تقصد عراقهم؟
ج / نعم فعراقنا طفلة عبدة تموت والقيود في يديها.
س / ما رأيك بالاحتجاج؟
ج / إن صرخة ً مدوية ً واحدة ً ستحيل الأشباح الصفراء إل
ى حيوانات أليفة.
س / من رفيقا قلمك؟
ج / المأساة والحزن رفيقا قلمي وقلت فيهما :
"من يمنح مأساتي جسدا ً؟ ومن يمنح رأسي للرمح؟ ويشيعه خلف الليل إلى مقبرة القلب أنا أعشق حزني، الحزن شهيد يزهر بالدم"
س / هل لك أعداء؟
ج / نعم، أعدائي المحمولون بلا وعي ٍ على أشرعة الوهم والمتكئون على أذرع الأحلام المعطّرة بكسل الحياة.
س / ما أمنيتك قبل الرحيل وبعده؟
ج / قلت قبل الرحيل: أواه يا وحدتي لو منحتني الصفاء لو جلست في ظلالك أجدل السأم جديلة.
    بعد الرحيل يا تلميذي وحين أتاني الموت لم يجد لي ما يميته ولم أجد لدي ما أتمناه.
س / في تتابع يومك التقليدي ما أجمل لحظة فيه؟
ج / حين يبزغ من بين الدموع صبح يثقب الحزن.
س / متى يعرف الإنسان المخاطر؟
ج / حين يكون الإنسان على الطريق يعرف المخاطر حيث يرقى جبلا ً يظهر له جبل ٌ.
س / هل تؤمن بالتنجيم؟
ج / برجي لا يراه أحد ٌ سيأتي عند منبلج الفجر في زهو الصباح في الساعة التي لا تكاد ترى فيها زهر الشجر، عندما يصير الفجر ُ للأمواج أشرعة ً من الطلّ الحرير.
س / صف لنا بعين الناقد الفذّ الذي عرفناه ونهلنا من علمه واقعنا العراقي؟
ج / في واقعنا المؤلم يا بُني ضاعت عصا عمر وكسر سيف علي وانتحرت شجاعة خالد وتلاشى بأس عنترة، لم نعرف طريق البندقية فوجدنا الحياة في الموت واللذة في الاغتراب فربيع القلوب قد مات وشباب السواعد همهمات.
س/ مازلت تدور في اليأس والضياع والسوداوية؟
ج / ألست من بلد ِ السواد والحزن والألم؟
س / ما مبتغاك؟
ج / الفكر مبتغاي الذي رجعت من بحاره بلا فكر.
س / مارأيك بـ الموت والغربة والحياة والصمت والنصر والليل والنهار والوجع؟
ج / الموت خادمي لا سيدي لذا وطأته بقدمي.
    الغربة دين على العراقيين يؤدونه أو يقتلون.
    الصمت بحر زاخر بألف موجة.
    النصر قمته في أن تكتشف أنك تحيا بين الأموات.
    الليل شعر امرأة ٍ لم يتوسده رجل.
    النهار تعب ٌ كبير ٌ كبير ٌ تذريه لمحة ذكاء.
    الوجع قافلة ٌ سارت وأرضها فم تنين.
س / أخيرا ً لمن تهدي منجزك الأدبي الكبير؟
ج / إلى الذين يتجاوزون ضياعهم ويقهرون يأسهم، فأنا أرى أن اليأس والضياع كبيران في نفس الإنسان العراقي لذا يلجأ إلى منقذين هما الذكرى بصفتها المتعلقة بالماضي والحلم بصفته المتعلقة بالمستقبل وبهذين المنقذين يهرب من واقعه المرير.